أقســــــــام القلـــــــوب..
وقد قسم الصحابة رضي الله تعالى عنهم القلوب إلى أربعة كما صح عن حذيفة بن
اليمان :
القلوب أربعة :
قلب أجرد فيه سراج يزهر
فذلك قلب المؤمن
وقلب أغلف فذلك قلب
الكافر
وقلب منكوس فذلك قلب
المنافق عرف ثم أنكر وأبصر ثم عمى
وقلب تمده مادتان :
مادة إيمان ومادة نفاق وهو لما غلب عليه منهما 1
فقوله : قلب أجرد أي متجرد مما سوى الله ورسوله فقد تجرد وسلم مما سوى الحق
و فيه سراج يزهر وهو مصباح الإيمان : فأشار بتجرده إلى سلامته من شبهات الباطل
وشهوات الغى وبحصول السراج فيه إلى إشراقه واستنارته بنور العلم والإيمان
وأشار بالقلب الأغلف إلى قلب الكافر لأنه داخل في غلافه وغشائه فلا يصل
إليه نور العلم والإيمان كما قال تعالى حاكيا عن اليهود : وقالوا قلوبنا غلف البقره :
وهو جمع أغلف وهو الداخل في غلافه كقلف وأقلف وهذه الغشاوة هي الأكنة التي
ضربها الله على قلوبهم عقوبة له على رد الحق والتكبر عن قبوله فهي أكنة على القلوب
ووقر في الأسماع وعمى في الأبصار وهي الحجاب المستور عن العيون في قوله تعالى :
وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون
بالآخرة حجابا مستورا وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا -الأنعام : 25
فإذا ذكر لهذه القلوب تجريد التوحيد وتجريد المتابعة ولى أصحابها على
أدبارهم نفورا
وأشار بالقلب المنكوس
وهو المكبوب إلى قلب المنافق
كما قال تعالى :
فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا
النساء : 88
أي نكسهم وردهم في الباطل الذي كانوا فيه بسبب كسبهم وأعمالهم الباطلة وهذا
شر القلوب وأخبثها فإنه يعتقد الباطل حقا ويوالي أصحابه والحق باطلا ويعادى أهله
فالله المستعان
وأشار بالقلب الذي له مادتان
إلى القلب الذي لم يتمكن فيه الإيمان ولم يزهر فيه سراجه حيث لم يتجرد للحق المحض
الذي بعث الله به رسوله بل فيه مادة منه ومادة من خلافه فتارة يكون للكفر أقرب منه
للإيمان وتارة يكون للإيمان أقرب منه للكفر والحكم للغالب وإليه يرجع.