بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله
أخواتي في الله ........السلام عليكم
قال صلى الله عليه وسلم "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن علمه فيما فعل به و عن ماله من أين اكتسبه وعن جسمه فيما أبلاه"
فمن السائل هنا ؟؟؟؟
انه الله رب العالمين في يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله .....فهل أعددت لهذا السؤال جواب ؟؟
أجل سنسأل يوم القيامة عن هذه الأشياء و أهمها أعمارنا التي هي الدقائق و الثواني هي الأنفاس التي تخرج ولا تعود
• يروى عن الحسن البصري أنه قال :ما من يوم ينشق فجره إلا وينادى يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فتزود منى فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة
• و عن ابن مسعود قال :ما ندمت على شيء ندمى على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلى ولم يزد فيه عملي
• و في الترمذي عن أبى هريرة مرفوعا "ما من ميت يموت إلا ندم قالوا و ما ندامته ؟
قال:إن كان محسنا ندم إن لا يكون ازداد و إن كان مسيئا ندم إن لا يكون استعتب
• و قال الحسن البصري : أدركت أقواما كان أحدهم أشح على عمره منه على درهمه
• وقال أيضا :إنما أنت أيام مجموعة كلما مضى يوم مضى بعضك
• و قال أيضا ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل
• وقيل للإمام أحمد رحمه الله :كيف أصبحت ؟ فقال :في عمر ينقص وذنوب تزيد
• وكان الربيع بن خثيم إذا قيل له : كيف أصبحتم ؟ قال : ضعفاء مذنبين نأكل أرزاقنا وننتظر آجالنا
• و كان السلف يقولون: من علامة المقت إضاعة الوقت و كانوا يحرصون كل الحرص على ألا يمر يوم أو بعض يوم دون أن يتزودوا منها بعلم نافع أو عمل صالح حتى لا تتسرب الأعمار سدى و تضيع هباء
• قال الشاعر :
إذا مر بي يوم و لم أقتبس هدى
و لم أستفد علما فما ذاك من عمري
فعليك بمراجعة نفسك ......كيف تقضى يومك ؟؟؟ فإنما الإنسان ساعات يعيشها فان أضاعها أضاع نفسه فكم نضيع من أعمارنا بدون أي زيادة في العلم و العمل و بدون أي ندم
إذاً ما هي واجبات المسلم نحو وقته حتى لا يكون ممن يندمون يوم القيامة :
1- أن يحافظ عليه كما يحافظ على ماله بل أكثر منه و أن يحرص على الاستفادة من وقته كله فيما ينفعه في دينه و دنياه و قد كان السلف رضي الله عنهم أحرص ما يكونون على أوقاتهم لأنهم كانوا أعرف الناس بقيمتها و كانوا يحرصون كل الحرص على ألا يمر يوم أو بعض يوم أو حتى لحظات و إن قصرت دون أن يتزودوا منها بعلم نافع أو عمل صالح أو مجاهدة للنفس أو إسداء نفع للغير حتى لا تتسرب الأعمار سدى و تضيع هباء و هم لا يشعرون
اليوم نفعل ما نشاء و نشتهي .............. و غدا نموت و ترفع الأقلام
2- و عليك أن تنتفع بوقتك بالأهم ثم المهم و لا تشتغل بالأدنى عن الأعلى
3- و أن تنظم وقتك بين الواجبات و الأعمال المختلفة دينية كانت أو دنيوية حتى لا يطغى بعضها على بعض و لا يطغى غير المهم على المهم و لا المهم على الأهم و لا غير الموقوت على الموقوت فما كان مطلوب بصفة عاجلة – كالصلاة على وقتها- يجب أن تبادر به و تؤخر ما ليس له صفة العجلة كأي عمل في البيت مثلاً
4- أن تنزه نفسك عن الإكثار من المباحات فالإكثار منها مضيع للأوقات إن لم تستحضر لها نية تقلبها إلى طاعة
5- أن تتخذ من مرور الليالي و الأيام عبرة لنفسها فإن الليل و النهار يبليان كل جديد و يطويان الأعمار
6- أن تعرف ما يتطلبه الوقت من عمل القلب و اللسان و الجوارح فتتحراه و تجتهد في القيام به حتى يقع موقعه من القبول عند الله عز و جل فليس المهم أن تعمل أي شيء في أي زمن بل المهم أن تعملي العمل المناسب في الوقت المناسب فأذكار الصباح والمساء مثلا ينبغي أن تقع في أوقاتها ولا تنشغل بأي شيء عنها ما أمكن حتى تأخذ الأجر المترتب على القيام بها في وقتها وهكذا في سائر الطاعات والقربات التي تتقرب بها إلى الله تعالى.
7- أن تتحرى الأوقات التي ميزها الله بخصائص روحية معينة فضلها بها على غيرها كتفضيل بعض الأمكنة على بعض وتفضيل بعض الساعات على بعض وتفضيل بعض الأيام على بعض وتفضيل بعض الشهور على بعض كشهر رمضان على غيره من الشهور فتغتنم هذا الشهر في الاجتهاد والعبادة والتقرب إلى الله عز وجل بما يحب ويرض ولا تجعل هذا الشهر المبارك يمر عليه كغيره من الشهور
8- أن تحذر من الآفات القاتلة للوقت وأهمها طول الأمل في الدنيا والاغترار بالعمل وحسن الظن بالنفس وقرناء قتل الوقت والغفلة والتسويف.
9- فمن حق يومك عليك أن تعمريه بالنافع من العلم و الصالح من العمل و لا تسوف إلى الغد حتى يفلت منك حاضرك فيصبح ماضيا لا يعود أبداً فعليكِ أن تزرع في يومك لتحصد في غدك و إلا ندمت حيث لا ينفع الندم
قال الشاعر :
تزود من التـقـوى فإنك لا تـدري ...........إذا جنَّ ليـل هل تعيـش إلى الفـجـر
فكم من سـليم مـات من غير عـلة ...........و كم من سقيم عاش حيناً من الدهر
و كم من فتى يمسي و يصبح آمناً ...........و قد نسجت أكفانه و هو لا يـدري
و بعد أخوتى ... فإنه يجدر بك والمهمات ورائك كثيرة والمسئوليات أمامك ثقيلة أن تقدر قيمة الوقت وأهميته فتعمره بفعل الخيرات ما استطعت إلى ذلك سبيلا ولا يكفيك أن تنهض إلى الخير في تثاقل وتكاسل أو تؤدي بعضه وتؤجل بعضه أو تؤخره كله من يوم إلى آخر عجزاً أو كسلاً , قال تعالى " يؤمنون بالله و اليوم الآخر و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و يسارعون في الخيرات و أولئك من الصالحين "
.......قال ابن القيم رحمه الله : أعظم الربح في الدنيا أن تشغل نفسك كل وقت بما هو أولى بها و أنفع لها في معادها , كيف يكون عاقلاً من باع الجنة بما فيها بشهوة ساعة
.....و قال أيضا :إضاعة الوقت أشد من الموت لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله و الدار الآخرة و الموت يقطعك عن الدنيا و أهلها .
أخوتى ... بعد أن عرفنا أهمية الوقت الذي هو عمرنا الذي يمضي و لا يعود فإني أحذركِم من العوائق التي تشغلك عن استثمار وقتكم و هي أما من داخل النفس أو من خارجها ..
...............................................
1- اتباع الهوى :و الركون إلى الدعة و الترف و الراحة و الإكثار من المباحات المهدرة للوقت
فالذى يتبع هواه دون مبالاة بالشرع لا يستطيع أن يسيطر على نفسه و حينها يضيع وقته هباء و علاج ذلك يحصل بالاستعانة بالله و مجاهدة النفس و و مصاحبة من تحب وقتها و تحافظ عليه فالمرء على دين خليله
2- طول الأمل : و الذي يتولد منه الكسل عن الطاعة و التسويف بالتوبة و الرغبة في الدنيا و النسيان للآخرة و القسوة في القلب , قال الحسن البصري : ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل
و العلاج ذكر الموت و الحساب و تذكر أن العمر و إن طال فلابد له من نهاية و هي الموت و بعدها نسأل عن أعمارنا كيف قضيناها في لهو و لعب أم في طاعة و عبادة و الفائز يومئذ من استغل وقته في طاعة الله
3- خواء القلب : فإذا كان القلب خاوياً فارغاً انعكس ذلك على حياتك كلها فتصبح لا تعرف للوقت قيمة و لا تعرف كيف تستغله بخلاف ما لو كان القلب ممتلئاً بالإيمان و مداواة ذلك بشغل القلب بالأعمال الإيمانية القلبية من تفكر في خلق الله و الخوف من الله و الحرص على طاعة الله فإذا عالجت قلبك عرفت قيمة وقتك و كيفية استغلاله فيما يرضي ربك
4- الغفلة: و هي الداء العظيم الذي بسببه يضيع الوقت و يصرف الإنسان عن ما فيه مصلحته في الدنيا و الآخرة و علاجها أن يتنبه الإنسان لقيمة وقته
5- الجهل : فمن جهلت قيمة الوقت و فضل استثماره فيما ينفع النفس في الدنيا و الآخرة فأنى لها أن تفلح ؟
قال ابن القيم رحمه الله : الجهل نوعان عدم العلم بالحق النافع و عدم العمل بموجبه و مقتضاه فكلاهما جهل لغة و عرفاً و شرعاً و حقيقة ....و علاج ذلك : العلم فيفر من الجهل بالعلم إلى تحصيله اعتقاداً و معرفة و بصيرة
6- ضعف الهمة : فقد تكون عالم مؤمن بقيمة الوقت عارف بفضله و فضل العمل و لك صحبة صالحة تساعدك على العمل الصالح و لكن ضعف همتك يحول بينك و بين الاستغلال الأمثل لوقتك
و علاج ذلك : التدرج في العمل و تدريب النفس شيئاً فشيئاً و مجاهدة النفس و الصبر على الطاعات
.................................................. ........
فاتقي الله يا أمة الله و راقبيه فاليوم عمل و لا حساب و غداً حساب و لا عمل و اعلم أن الإنسان لا يزال يلهو و يلعب حتى يأتيه الموت بغتة
فالله الله في الوقت فإنما الإنسان ساعات يعيشها فإن أضاعها أضاع نفسه
فاحذر هذه العوائق و أنفق وقتك في طاعة ربك و ذكره و في تلاوة القرآن و تعلم العلم النافع و في الدعوة إلى الله و حسن العبادة و الإكثار من النوافل
( منقول )